أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

برج تامنفوست.. تاريخ من المقاومة والانتصارات

 برج تامنفوست.. تاريخ من المقاومة والانتصارات  

برج تامنفوست.. تاريخ من المقاومة والانتصارات  bordj-tamenfousset


برج تامنفوست الشهير باسم الحصن التركي نسبة لتاريخ نشـأته الموافق للعهد العثماني، حيث شيده رمضان آغا خلال فترة حكم إسماعيل باشا عام 1661م في الناحية الشرقية من الجزائر العاصمة، تحديدا ما بين بلديتي المرسى وبرج البحري، وهو موقع استراتيجي هام يطل على البحر الأبيض المتوسط. 


في وصف برج تامنفوست 


اسم تامنفوست هو لفظ أمازيغي ويقصد به الميمنة، سواء الجهة اليمنى أو اليد اليمنى وهذا لموقعه المتواجد يمين مدينة الجزائر بمسافة 28 كم شرقا. 


تشير المصادر التاريخية أن مواد البناء الأولية المستعملة في إنشاء الحصن هي ما تبقى من المواد المستخدمة في إنشاء مباني المدينة القديمة ريسقونيا الواقعة في بلدية المرسى، وقد امتد البناء على مساحة واسعة بأخذ شكل ثماني منتظم، محاط بأسوار حجرية مغلقة عتيقة، أسفلها خندق بعمق 3 أمتار يتم العبور فوقه من الناحية الجنوبية الشرقية عبر جسر متحرك يبلغ طوله 5 أمتار وعرضه متر ونصف ينتهي إلى بوابة تشكل مدخل الواجهة الرئيسة. 


عند الولوج الحصن يمكن ملاحظة بهو فسيح محاط بعدة غرف بتصاميم مختلفة  لنشاطات معيشية، اجتماعية، دينية وعسكرية، حيث تضم مطبخا، مصلّى، ومخزنا للأسلحة، وقاعات واسعة تحتفظ بقطع أثرية من فترة الحكم العثماني وذاكرة الغزو الروماني والاستعمار الفرنسي للمنطقة. 


وما يلفت الانتباه وجود سجن مغلق لا منافذ في جدرانه، به فتحة صغيرة بالسقف للتهوية بعد غلق بابه، أما السطح فقد تم تجهيزه ليناسب العمليات العسكرية، وفق مخطط دفاعي للمحيط بثبيت دعامة المدافع عن طريق فتحات خارجية موزعة بانتظام على المساحة الكلية، والظاهر أنها ثغور استراتيجية لمواقع الرماة تمنحهم رؤية شاملة على الساحل.  


فترات ترميم الحصن  


تم ترميم هذا الحصن خلال فترة حكم الداي حسين ميزو مورتو عام 1685م بعد هجومين بحريين عامي 1682م و 1683م من قبل الأميرال الفرنسي أبراهام دوكين على مدينة الجزائر العاصمة  وقد نال هزيمة نكراء. 


وحديثا أعيد ترميمه عام 2004م، بعد زلزال بومرداس الذي وقع يوم الأربعاء 21 ماي/ أيار 2003 م وتسببه في أضرار مادية جسيمة. 


وجذير بالذكر أن الحصن العسكري حوّل إلى متحف يستقبل الزوار يوميا، وصنف كمعلم تاريخي أثري ضمن الممتلكات الثقافية الجزائرية منذ عام 1967م، ليصير وجهة مفضلة للزوار والسياح الأجانب المنجذبين لمظهره  الفخم كقلعة أثرية شبيهة بقلاع الحكايات والأساطير القديمة. 


أحداث تاريخية داخل أسوار برج تمنفوست 


ما زالت ذاكرة برج تامنفوست تحتفظ بالكثير من الأحداث الهامة المسجلة في تاريخ الجزائر كبطولات ومواقف مشرفة، وأولها صد العدوان القادم عبر المرافئ البحرية والصمود في وجه هجمات الاسبان وغيرها من الحملات الأوروبية من قبل القادة المسلمين المجاهدين أمثال الأخوين أروج وخير الدين بربروس، حسن آغا، بابا حسن، محمد عثمان باشا وعمر آغا.  


كما احتضن المكان اجتماع زعماء وأعيان مختلف القبائل الجزائرية لمواجهة الغزو الفرنسي العسكري، من بينهم حاج علي مصطفى بومزراق باي المدية وحاكم بايلك  التيطري، والشيخ محي الدين والد الأمير عبد القادر ممثلا عن منطقة معسكر، حيث تم مبايعة علي ولد سي سعدي وكيل أوقاف زاوية سي السعدي في باب الوادي بمدخل قصبة الجزائر، والحاج محمد بن زعموم زعيم عرش قبيلة أفليسن أومليل لإعلان ميلاد المقاومة الشعبية المسلحة ضد الاحتلال الفرنسي من قبل مجلس أعيان مدينة الجزائر في 23 جويلية/ تموز 1830م. 


 


 يظل برج تامنفوست هذا الحصن العتيق بناء حربيا منيعا شاهدا على أمجاد وتاريخ الأمة الإسلامية العظيم، ويعكس مدى قوتها وثباتها في حماية حدودها البحرية والبرية لقرون خلت، ويوثق علو همم رجال اعتلوا أسواره العالية ليصدقوا ما عاهدوا الله عليه حتى قضوا نحبهم طيب الله ثراهم وأكرم مثواهم. 

تعليقات