أسر تحت سقف العنف
مقال ليلى جبارةتعد الأسرة عنصرا فاعلا في بناء الكيان التربوي، وهي جماعة اجتماعية تربط بين أفرادها روابط رحم وقرابة تقوم على أساس المحبة والإخاء والتعاون فضلا عن العطف والرحمة وغيرها من النظم السامية، لكن هذا التعريف يبدو مثاليا أمام أسر تعيش صراعات ومشاكل يرى البعض أن الحل المثل لها هو اللجوء للعنف، لذا فكل فرد معرض لان يصير ضحية للعنف الأسري، غير ان النساء والأطفال هم ضحاياه المألوفين.
العنف ضد الأطفال:
من مسؤولية البالغين توفير الرعاية وتحقيق الحماية للمحافظة على سلامة وسكينة نفسية القصر، ولكن في لحظات غضب مصحوبة باللامسؤولية يخترق القانونين الإلهي والوضعي ليتحول الأب إلى جلاد والأم إلى سجانة وأحيانا ينظم الإخوة الأكبر سنا للمعسكر.
وتختلف مظاهر التجاوزات في حق الأطفال بين الجسدية بالضرب والجرح، والمعنوية باللفظ والإهمال، وقد تصل إلى تجاوزات جنسية بانتهاكات منافية للآداب، ولهذا آثار سلبية كثيرة، فالعنف لن يخلق في النفوس سوى مشاعر الحقد والكراهية والكثير من العداء، ولن ينشئ سوى أفرادا سلبيين ضعفي الشخصية، متذبذبين بين العقد النفسية وآلام القهر والاضطهاد، والدليل على ذلك أن أغلب المساجين والمتهمين بالجرائم وكذا المرضى المتواجدين بالمصحات النفسية والاضطرابات العقلية هم من الذين تعرضوا لأشكال مختلفة من العنف أثناء مرحلة الطفولة.
عادة ما يصحب الأطفال المعنفين اضطرابات نفسية وأعراض ظاهرة مثل النوم المضطرب المصحوب بكوابيس، التعامل بشراسة وعدوانية مع اللُّعب والأطفال الآخرين، زيادة في الحوادث من تعثر وسقوط وما شابه، حالات اكتئاب وتبول لاإرادي، فشل دراسي،الكذب باستمرار واختلاق القصص واتهام الآخرين وغيرها من الصفات القبيحة.
لا يمكن السماح بتبرير تلك الممارسات المخالفة في حق بالتربية والتقويم لأنها مخالفة تماما للتنشئة السليمة، كما لا يكفي أن نوقف العنف بشعار "لا للعنف"، إذ يجب قرنه بالفعل كفتح دورات تكوينية للآباء والأمهات وعرض الطريقة الصحيحة للتنشئة السليمة، تعزيز دور المساجد في الحث على توفير جو أسري مناسب يسوده التفاهم وحسن المعاملة لخلق الثقة ودعم الانتماء، كما يجب مشاركة الطفل في حياته اليومية ومراعاة ميوله ورغباته والتعامل معها بحكمة وروية ليكتسب شخصية قوية وقويمة نفسيا وعقليا قادرة على التفاعل مع الآخرين بإيجابية.
أما مقولة " العصا لمن عصى" فهي مقولة خاطئة تعد مثالا فاشلا للتربية والأولى استبدالها بالحكمة القائلة :" يُدْرَك بالرِّفق ما لا يُدْرَك بالعًنْف".