أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

حبة خردل

حبة خردل

حبة خردل
تحكي أسطورة صينية أن سـيدة تعيش في سعادة مع ابنها الوحيد حتى جاء الموت فجأة واختطف منها الابن.
 حزنت السيدة جدا لموت ولدها الوحيد ثم ذهبت إلى حكيم القرية وطلبت منه أن يعطيها وصفة تعيد ولدها للحياة.  مهما... كانت تلك الوصفة أو أو صعبت.
أخذ الشيخ الحكيم نفسا عميقا وشرد بذهنه ثم قال: أنت تطلبي مني وصفة حسنا أحضري حبة خردل واحدة شرط أن تكون من بيت لم يعرف الحزن مطلقا.
أخذت السيدة السيـدة وبكل همة تدور على بيوت القرية كلها و تبحث عن هدفـها - حبة خردل من بيت لم يعرف الحزن مطلقا- طرقت السيدة بابا ففتحت لها امرأة شابة، سألتها السيدة هل عرف هذا البيت حزنا من قبل؟ ابتسمت المرأة في مرارة وأجابت وهل عرف بيتي هذا غير الحزن؟
و أخذت تحكي لها عن حالها وأن زوجها قد توفى منذ سنة و ترك لها أربعة من البنات والبنين ولا مصدر لإعالتهم سوى ما تبيع من أثاث الدار والذي لم يتبق منه إلا القليل؛ تأثرت السيدة بشدة و حاولت أن تخفف من  أحزان المرأة و لما انتهت الزيارة صارتا صديقتين ولم تدعها تغادر إلا بعد أن وعدتها بزيارة أخرى ، فقد  مرت مدة طويلة لم تجد أحدا تفتح له  قلبها و تشكي له همومها،
قبل الغروب دخلت السيدة بيتا آخر ولها نفس المطلب ولكن سرعان ما أصابها الإحباط ؛ عندما علمت من سيدة الدار الثانية أن زوجها مريض جدا و ليس عندها طعام يكفي  لأطفالها منذ زمن . خطر ببالها أن تساعد هذه السيدة فذهبت إلي السوق واشترت بما معها من نقود طعاما: بقول ودقيق وزيت
ورجعت إلي سيدة الدار وساعدتها في طبخ وجبة سريعة للأولاد واشتركت
معها في إطعامهم ثم ودعتها على أمل زيارتها في مساء اليوم التالي
و هكذا راحت السيدة تطوف من بيت إلي بيت تبحث عن حبة الخردل وطال بحثها لكنها لم تجد ذلك البيت الذي لم يعرف الحزن مطلقا لكي تأخذ من أهله حبة الخردل و لأنها كانت طيبة القلب فقد كانت تحاول مساعدة كل بيت تدخله في حل مشاكله وأتراحه.
 ومرت أيام حتى صارت هذه السيدة صديقة لكل بيوت القرية ، نسيت تماما حبة خردل.
 ذابت في هموم  الآخرين ولم تدرك قط إن حكيم القرية قد منحها أفضل وصفة للقضاء على الحزن حتى ولو لم تجد حبة الخردل التي كانت تبحث عنها فالوصفة السحرية قد أخذتها بالفعل يوم دخلت أول بيت من بيوت القرية ( فرحا مع الفرحين وبكاء مع الباكيين) ليست مجرد وصفة اجتماعية لخلق جو من الألفة والاندماج بين الناس إنما هي دعوة لكي يخرج كل واحد من أنانيته وعالمه الخاص ليحاول أن يهب من حوله بعض المشاركة التي تزيد من بهجته في وقت الفرح وتعزيه وتخفف عنه في وقت الحزن إلي جانب أن هذه المشاركة لها الفائدة ليس لأنها تخرجنا من أنانيتنا ولا لأنها تجعل منا شخصية محبوبة إنما لأنها تجعلنا إسعداء أكثر مما نحن فيه الآن